المماطلة في الدين وأثره على دوران العجلة الاقتصادية

المماطلة في الدين وأثره على دوران العجلة الاقتصادية

يمكن لأي اقتصاد أن يمر بفترة انتعاش كما يمكنه أن يمر بفترات الركود والانكماش، حيث كلما كانت الأدوات الاقتصادية متاحة كلما ساعد ذلك الاقتصاد على النمو والانتعاش وبالتالي ازدهار المجتمع، والعكس.. كلما تراكمت معرقلات النمو الاقتصادي كلما زاد انكماشه وبرزت آثاره السلبية على المجتمع (كالفقر، والبطالة…).

من أهم معرقلات النمو الاقتصادي: المماطلة في الدين
يمكن تعريف المماطلة في الدين بالتأخر في سداد المستحقات من أجل قضاء الدين وفق الأجل المتفق عليه مع المورّد.

يمكننا أن نتناول موضوع المماطلة على مستويين: الجزئي Micro (على مستوى الشركة)، الكلي Macro (على مستوى الاقتصاد ككل).

 

أولا: على المستوى الجزئي: Micro (على مستوى الشركات)

كلنا نسعى إلى تحقيق النجاح في الشركة وضمان قوتها في السوق، وذلك من خلال تعزيز عوامل النجاح وتجنب عوامل الفشل والضعف. ومن أهم العوامل التي تعرقل نجاح الشركة: المماطلة في سداد الديون.

المماطلة في الدين من شأنه أن يخلق عدة آثار سلبية في الشركة، نذكر منها:

1- تقلص هامش الربح: تعوّدك على الشراء بالدين ومماطلتك في الدفوع، لن يمنحك أفضل أسعار الشراء، بل ستكون أسعار السلع أعلى من أن تشتري نقدًا، في حين أن الربح أساسًا يكمن في الشراء (السعر المنخفض في شراء السلع) وليس في البيع.
2- صعوبة الحصول على السلع الجديدة وسلع الموضة في الوقت المناسب: المورّد يختار الزبائن الأقوى والذين لديهم القدرة العالية على السداد ليزوّدهم بجديد السلع.
3- انعدام المصداقية مع المورد: تماطل التاجر في سداد ديونه مع المورّد يفقده المصداقية مع مورّده خاصة في الظروف الاقتصادية الحالية مع تذبذب إمدادات السلع عالميًا حتى أضحى: “Le fournisseur est roi”، إضافة إلى ذلك يعتبر المورّد في بعض الشركات من أهم عوامل النجاح، حيث نجد قوتها في قوة مورّدها.
4- حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “مطل الغني ظلم”، فمماطلة الغني ظلم، والظلم ماحق للبركة.

ثانيا: على المستوى الكلي: Macro (العجلة الاقتصادية)

دوران العجلة الاقتصادية يعتمد على دوران المسننات التي تمثلها حيث أن كل مسنن يمثل حركة تجارية بدءًا من تاجر التجزئة ثم تاجر الجملة وصولًا إلى المستورد أو المنتج. إن حدث وأن تماطل تاجر التجزئة في سداد ديونه لمورّده، فحتما سيُحدث عرقلة في دوران عجلة شركة الجملة مما يسبب عرقلة في دوران عجلة شركة الاستيراد أو الشركة الصناعية. كل هذا سيسبب تراجعا معتبرا في أرباح هذه الشركات، مما يسبب تقلصا في حجم الزكاة! وبالتالي ضعف القدرة الشرائية.. وما يترتب عن ذلك من آثار سلبية على المجتمع!

أخيرًا.. ما هي أهم التوصيات التي تمكّننا من تجنب الوقوع في التماطل في سداد الديون؟

* اتفاقيات واضحة ومحددة مع المورّد، بخصوص آجال الدفع.
* الحرص على التواصل الفعال والجيد مع المورد، وتعزيز مصداقية الشركة والتي تعتبر رأس المال المعنوي.
* دراسة رأس المال وتوافقه مع الأهداف المسطرة، وتنظيم سحوبات الشركاء بحيث لا تضر بسيولة الشركة.
* التفاوض الجيد مع المورّدين مع الحفاظ على قاعدة الـ win / win.
* دراسة حقيبة الزبائن (والتركيز على الزبائن الأكثر سدادا).

المنشورات ذات الصلة