التوظيف في الوقت الراهن: تحديات وحلول 

التوظيف في الوقت الراهن: تحديات وحلول 

يعتبر التوظيف من العمليات الأساسية والمهمة في التسيير والتي تضمن للمؤسسات استمرارها وبقاءها في ظل تقلب السوق، كما تعتبر فرصة مهمة لضم المواهب وأصحاب الأفكار الجديدة

فالتوظيف عملية حساسة يعاني خلالها كثير من المسيرين و المكلفين بالتوظيف من نقص الكفاءة أو عدم الملاءمة مع منصب العمل، فهي أشبه بعملية زراعة الأعضاء إذ لا يمكن زراعة أي عضو لأي إنسان إلا إذا توفرت فيه معايير وشروط حساسة حتى يتسنى له التأقلم مع الجسم الجديد

الموظف يساهم في استقرار وازدهار المؤسسة، لذا يبقى التوظيف هو الموضوع الذي يقض مضجع العديد من مسيري المؤسسات وخاصة بعد ظهور طرق التوظيف الجديدة التي قلبت الأوزان وغيرت معطيات التوظيف ، في ظهورها ظهرت تحديات جديدة تجعل من عملية التوظيف أمرا صعبا وأكثر تعقيدا

من جملة هذه التحديات:

1- نقص الكفاءات: 

لا تجد المؤسسة دائما ضالتها في التوظيف، فكثير من طالبي العمل لا يتوفر فيهم المهارات الأساسية لشغل الوظائف الحديثة (مهام فكرية تحتاج إبداعا أكثر واستخدام برمجيات مثلا) والتي بدأت تزيح الوظائف التقليدية (وظائف روتينية يستعمل فيها الجانب البدني أكثر) وتحل محلها 

2- الجيل Génération C: 

هم الذين تربوا على الهاتف النقال في كامل جوانب حياتهم، قد تكون شبكات التواصل نقطة قوتهم، إلا أنها أيضا تعتبر نقطة ضعفهم الرئيسة، فالتصفح الدائم يكوّن شخصية متقلبة غير صبورة، لا تتم مشاهدة فيديو من  ثانية فكيف بإنجاز عمل يتطلب ساعات من التمرين والتحضير، فالمداومة (endurance) والصبر على ألم التدرب ساعة يعطي نتائج جيدة في المستقبل، وهذا من سلبيات جيلنا الحالي.

3- ضعف مؤسسات المناولة: 

في حين أن كل العالم يناولون كل المهام إلى خارج المؤسسة حتى يكادون يناولون مهام جزئية متعلقة بالقلب النابض للمؤسسة، فلا تزال مؤسساتنا في الوطن تميل إلى العكس تماما بسبب ضعف المؤسسات العارضة لخدماتها وقلة المنافسة ووو.. كثير من الأسباب التي تعطل من عملية المناولة (جرعة أمل: ضعف المؤسسات الحالية يعتبر فرصة لإنشاء مشاريع لمن كان له نفس طويل)

4- موضة المقاولاتية:

 صعود موجة المقاولاتية والصتارطاب إذ أصبح بعض الشباب  مهووسا بإنشاء المشاريع وفي نظرهم أن من لم ينشئ مشروعا يعتبر فاشلا حتى أصبح شعارهم “أنا صتارطابي إذا أنا موجود “، جعلت الكثير من الطاقات التي يمكن أن تُستغل في سوق العمل تتوجه مباشرة إلى المخاطرة من دون أن تكون حتى محضرة بشكل مقبول لولوج المغامرة، وحتى في حال لم ينجح الأمر معها فإن العديد منهم يصابون بعقدة اسمها ‘ عدم العودة إلى سوق العمل أو سوق النخاسة ‘ على حد تعبير بعضهم. 

5- تصاعد موجات العمل الحر:

 الFreelancing أصبح يستهوي الكثير ممن له تحكم بالمهارات الحديثة، فهو يعطيها فرصة العمل وفق الريتم المناسب (والذي في أغلبه يكون مضغوطا عكس ما يعتقده الكثير) وفي السوق المناسب (إمكانية استهداف أسواق خارجية دون تنقل فيزيائي)، لا سيما بعد صدور ميزة بطاقة المقاول الذاتي التي سهلت عمل الFreencers ومنحت الحل للتحدي الأهم الذي يعاني منه العامل الحر.. 

6- وأخيرا وليس آخرا :

 تنامي الطلبات المادية لفرق العمل عموما بالموازاة مع اشتداد المنافسة وتناقص هوامش الربح في بعض المجالات ( والحمد لله هذا الأمر استثنائي في كوكبنا بسبب التخلف المحمود على حد قول أحدهم).

بعدما رأينا أهم التحديات التي تواجه عملية التوظيف، نقدم لكم مجموعة من الإجراءات والتدابير التي يمكن اتخاذها للتخفيف من آثار تلك التحديات، وربما الاستفادة منها وتوجيه طاقتها نحو تحقيق أهداف المؤسسة. وفي ما يلي نستعرض بعض تلك الإجراءات:

1- الاهتمام بصورة المؤسسة في سوق التوظيف (Image Employeur) والعمل على تنميتها وتجنب كل ما يمكن أن يضر بصورة المؤسسة وبالتالي يؤثر على قدرة المؤسسة في استقطاب الكفاءات.

2- وضع برامج تكوينية داخلية وخارجية للفريق: ومتابعتها من أجل تحسين قدراتهم، فالتكوينات الداخلية تتم عن طريق تنشيط أعضاء الفريق لفقرات تكوينية لبعضهم البعض، وعن طريق تشجيع التبادل بينهم وتشارك الخبرات، وأيضا عن طريق وضع أنظمة تساهم في تثمين الخبرة الموجودة ومراكمتها وتوثيقها.  وكذا التعاقد مع مؤسسات تكوينية خارجية من أجل تصميم برامج تكوينية خاصة للفريق.

3- وضع نظام عمل أكثر انفتاحا ومرونة وملاءمة لتفكير الأجيال الحالية ( جيل Y، جيل C، جيل Z…) بحيث يتم التركيز على الإنتاجية وتحقيق الأهداف أكثر منه على التوقيت وساعات العمل والآليات المغلقة والمحددة.

4- مساعدة فريق العمل على تحقيق التوازن: ما بين حياتهم الشخصية ومسارهم العملي، فإن إبداء الاهتمام بالمصلحة الشخصية للفريق يدفعهم للعمل بإنتاجية وتركيز أكبر.

5- التركيز على التحفيز المعنوي للفريق: وعدم الاقتصار فقط على التحفيز المادي، فمفعول هذا الأخير يزول في أقرب وقت، بخلاف التحفيز المعنوي الذي يبقى أثره في النفوس.

6- التوجه نحو أعمال (Business) ذات قيمة عالية من أجل مجابهة المتطلبات المادية للفريق من جهة والهوامش المتناقصة من جهة أخرى، كما يجب على المؤسسة أن تعرف سلسلة القيمة المرتبطة بها وتركز على ماهو مهم ومدر للقيمة وتعمل على تنميته.

7- التشجيع على ريادة الأعمال الداخلية (Intra Entreprenariat)  وإنجاز المشاريع في إطار الشركة والمجموعات. واستقطاب أصحاب الأفكار والمؤسسات المصغرة التي تعاني ومساعدتها على تنمية أعمالها في إطار اتفاقات مربحة للطرفين، ولا يتأتى كل هذا إلا بعقلية الوفرة أو عقلية الغني.

Related Posts